خصصت القناة الأولى من خلال برنامج شاشات حلقة فريدة وممتعة لمسار الفنان المغربي محمد بسطاوي رحمة الله عليه، حلقة عبر من خلالها كل من وزيري الاتصال والثقافة عن عميق أسفهما الشديد لفقدان هذا الفنان الذي حمل هموم الإنسان المغربي بكل آماله وآلامه، طبعا هو اعتراف له مغزاه ودلالته العميقة في الثغرة التي سيتركها رحيل هذا الفنان العصامي الذي نهل تكوينه وحمولته الاجتماعية والفكرية من المغرب العميق، المغرب الذي نحبه جميعا، يظهر هذا الاستنتاج طبعا جليا من خلال الأسف الذي عبر عنه أيضا وبكل صدق المخرج المتميز كمال كمال صاحب فيلم " السمفونية المغربية "، الفيلم الوحيد الذي لم يكتب لبسطاوي المشاركة فيه.
بدوره برنامج " مباشرة معكم " الأخير في القناة الثانية كانت له وقفة أيضا مع فقيدي الفنون والعلوم والسياسة ... خلال العام 2014، وطبعا كان محمد بسطاوي ضمن لائحة الذين قيل فيهم ما يثلج القلوب، وهذا أيضا تكريم ينطوي على احترام وتقدير لكل الذين ضحوا للوطن ومن أجل الوطن ، هي مسيرة فنان الابن البار لمدينة خريبكة المنجمية ، وهي اعترافات من كل حدب وصوب ... ومن شتى الأعمار، ... ابن مدينة خريبكة التي أنجبت أكثر من طاقة ... كان أبنائها البررة على الموعد .... وعملوا ما في جهدهم على جعل مدينتهم إحدى الروافد التي كان لها قصب السبق في المقاومة كما في الفنون وإظهار مقوماتها ومؤهلاتها، وجعلها في مصاف العواصم العربية الثقافية بامتياز،... هذا ما أعطاه هؤلاء المبدعون والمقاومون لمدينتهم .. فماذا أعطت هاته المدينة لروادها وأبطالها ومبدعيها .. ؟ هو سؤال يستقي مشروعيته من ثقل المسؤولية الملقاة على محبي هاته الطاقات المبدعة التي لا تنتظر سوى تخليدها للأجيال المقبلة .. طبعا هنا نتحدث عن التخليد المعنوي ليس إلا .
لقد صدق القول المأثور : " من لا يشكر الناس لا يشكر الله "، ونحن من منطلق تكريسنا لثقافة الاعتراف وبعيدا عن كل جفاء، نناشد الجهات المحبة للثقافة والفن وإلى المسؤولين على الشأن المحلي بمدينة خريبكة إلى تخليد روادها، والاعتراف لهم بالتضحيات الجسام التي كابدوها دون كلل ولا ملل، وأعتقد أن محمد بسطاوي يجب أن يبقى حاضرا بيننا كإسم لامع في سماء المسرح والسينما المغربيين، بخطوة لا تتطلب سوى توجيه التحية والإكبار لهذا الفنان من خلال حمل المركب الثقافي لمدينة خريبكة اسم محمد بسطاوي، هذا المركب الذي أصبح يحتضن اليوم أكبر التظاهرات السينمائية على المستوى الدولي والقاري من خلال قيدوم المهرجانات السينمائية المغربية مهرجان السينما الإفريقية، والمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمدينة خريبكة الذي يطفئ هاته الأيام شمعته السادسة: هذا أقل ما يمكن أن نقدمه لهذا الفنان/ النجم التي سيظل يطبع شموخ هاته المدينة إبداعيا وإشعاعيا .